عن الاداء بمواقفهم, ومهما اختلفنا او اتفقنا إلا أن النقاش بحد ذاته مفيد للجميع, وأتمنى من الاصدقاء في كلا التجمعين الكرديين, أن يتقبلوا رسالتي هذه بروح موضوعية وناقدة للذات قبل الآخر...أيا يكن.
مسلمات تغيب عن النقاش الآن:
- الشعب السوري الثائر كله تبنى المظلومية الخاصة التي كانت واقعة على شعبنا الكردي, بحيث أن العمق الشعبي في سورية للمسألة الكردية لم ينوجد في أي مكان آخر لا في العراق ولا في إيران ولا في تركيا, هذا العمق الذي هتف في كل مدن سورية بالحرية كورديا..وبالمقابل أيضا في غالبية المناطق الكردية, ماعدا مدينة عفرين كان علم الثورة السوري يرفرف في كل التظاهرات الكردية..وهذا كان يعبر عن مسار وطني عام للثورة, ومنفتح على أي حل للمسألة الكردية في سورية.
- حتى فترة متأخرة من عمر الثورة, كانت حال الاحزاب التقليدية الكردية السورية, كحال المعارضة العربية التقليدية, تائهة بين بنياتها المحافظة, وبين العمل من أجل قيادة الحراك الثوري, وكانت النتيجة تشكيل المجلس الوطني الكردي, كنت افضل تسمية المجلس السوري الكردي, في ظل الروحية التي كانت منتشرة في كل الشارع السوري الثائر..وفجأة يرفع المجلس الوطني الكردي سقف مطالبه إلى أقصاها, عبر الحديث عن لامركزية سياسية للدولة السورية المنشودة..وهذا المطلب كنا نقاشناه كثيرا مع الاصدقاء في المجلس, وتبين للأكثرية منهم على حد زعمي أنه شعار لا يحاكي الوضعية السورية على الارض..ويريد دولة مفتتة السيادة..ولا تستطيع اي معارضة سورية آخرى الموافقة عليه..مع ذلك بقيت الحركة العامة للمجلس الوطني الكردي حركة تنحو باتجاه حل سوري للمسألة الكردية..واستطاع إلى حد كبير الاندماج بالحراك الثوري السوري..وبقيت الحال على ما هي عليه حتى قامت العصابة الأسدية قبل اسابيع بحركة مفاجئة وسلمت مقارها لمسلحي الـ "بي دي"..وهذا ما خلق وضعا جديدا على الارض, قيادته في تركيا, ومن يقوده فعليا هم الشخصيات القوية داخل حزب الـ "ب كي كي" الكردي التركي.
- الـ "بي دي" حزب سوري شكلا, لكنه مبني على خدمة رؤية حزب كردي تركي..والسلاح الموجود بيديه هو سلاح كان تحت حماية الاستخبارات السورية, وبمعرفتها وعلمها..وإلا من أين أتت هذه القوة لـ "بي دي"؟ لماذا لم تكن الاحزاب الكردية السورية قادرة على نشر صحيفة علنية, بينما مسلحو الـ "بي دي" منتشرون في المناطق الكردية لمنع خروج التظاهرات, ولذلك نجد أن منطقة عفرين حيث مقرهم الرئيسي, خرجت مرات قليلة وعنوة عن هؤلاء المسلحين..وهنا اعتمد في قولي هذا على تقارير وكتابات الناشطين الكرد في تلك المناطق, والذين كانوا ولايزالون يعانون من الخوف من بطش هؤلاء المسلحين..ومطلوب من الاصدقاء الكرد السوريين في الـ "بي دي" وخارج الـ "بي دي" أن يسألوا أنفسهم سؤالا مباشرا: كيف كان السلاح موجودا تحت تصرف مقاتلي الـ "بي دي"..ولماذا الـ "بي دي" حتى اللحظة لا يرفع علما سوى علم الحزب الأم او المشتق منه وهو الـ "بي دي" التركي؟
نتفهم السلوك السياسي بـ بي كي كي من دون أن نوافق عليه, في تعامله مع نظام الأسد, بخصوص الساحة التركية, لكن عندما تطور الامر لكي يتشكل حزب كوردي سوري كفرع للحزب الام, يجب ان نبحث عن رموزه السورية..فأين هي؟ هذا أيضا لايعفي مسؤولية الحكومة التركية في عدم حل القضية الكردية في تركيا, وبأي حال من الاحوال أننا نقف مع النضال الكردي في تركيا..والجميع يعرف ويدرك ان جل ما يريده البي دي هو إقامة قاعدة مسلحة للحزب الام في سورية, وإرسال الشباب الكردي السوري للقتال في تركيا, لذلك نجد أن كل ممارسات الـ "بي دي" تصب في خدمة هذا الهدف..ومن اجل ذلك سلمتهم العصابة الأسدية مقارها في بعض المدن, ومن اجل أن يبقى هذا التسليم لغما متحركا, لتفجير حرب داخلية هناك متعددة الرؤوس..لأنه يجب ان يعرف الاصدقاء في الـ "بي دي" وهم يعرفون أن قوتهم وتفوقهم على بقية الاحزاب الكردية السورية هي نتاج تسهيلات النظام الأسدي لهم..والدليل ان منطقة عفرين كمنطقة كردية هي الوحيدة التي ينتشر فيها السلاح لدى هؤلاء المقاتلين حتى قبل الثورة! اتمنى أن تكون آرائي هنا غير صحيحة, ليقدموا لنا سقف الحل السياسي الأمثل.
- في الجانب المعارض السوري لـ "بي دي" هم نسجوا خيوطهم في تحالف معارض سورية, هزيل اٍسمه هيئة التنسيق الوطنية, تحت شعار لا للتدخل الخارجي!! وأليس السماح مثلا لحزب الـ "بي دي وحزبه الأم بحمل السلاح في سورية ومن سورية, باتجاه تركياهو تدخلا خارجيا في الوضع التركي؟ أظن أن قيادات البي كي كي تعرف جيدا هذا الحديث.
وفق هذه الروحية وضعف المجلس الوطني الكردي على الارض, وعدم قدرة بقية اطياف المعارضة السورية على معالجة هذه المسألة, نستطيع القول الآن أن كل ما يأتي من أخبار وتقارير من الجزيرة السورية وسري كانيي وعفرين يؤكد أن الممارسات هذه تؤسس لحرب أهلية, بين الكرد والكرد وبين الكرد وبقية المكونات الموجودة.
لهذا مطلوب من الاصدقاء الكرد السوريين في الـ "بي دي" اتخاذ موقف واضح من هذه التحولات التي لن تجد لها مستقبلا في سورية, لا بين الكرد ولا بين بقية الشعب السوري, إن تراكم الخبرة التاريخية والعملية في ذاكرة الكرد السوريين اولا وذاكرة بقية الشعب السوري ثانيا تتمحور حول ان الحزب الام وفرعه كان مساندا لنظام الأسد...وانا اتحدث عن ذاكرة جمعية.
هذا الكلام لاعلاقة له ابدا بضعف وارتجالية بقية مكونات المعارضة السورية وهزالها والتي اصبحت عبئا على الثورة بدلا من ان تكون سندا لها, رغم ما يبذله المجلس الوطني السوري من جهود إلا انها لم ترق بعد لروحية الثورة.
وأيضا لابد من القول أن لي من الاصدقاء في الـ "بي دي" وافتخر بصداقتهم, واحترم آراءهم ونضالهم القومي وهذا النقد لايطال اشخاصاً هنا "بل يطال فاعلاً سياسياً جمعياً وممارساته على الارض وماتحاول هذه الممارسات فرضه من وقائع.
مستقبل الكرد في سورية مرتبط بمستقبل بقية مكوناتها, وهذا عمليا ونظريا, وبغير ذلك من مزايدات ومناقصات لدى هذا الحزب أو ذاك سيكون لغم الاحتراب الداخلي قائم في ظل ما يتم على الارض هناك.
وموقفي كما هو لم يتغير فانا مع البيان التأسيسي للمجلس الوطني الكردي, وفق روحية الثورة التي كانت دماء الشهيد عنصرا موحيا ورمزا منها ولها سنكتشف عاجلا أم آجلا من أغتاله او شارك باغتياله؟ صحيح أنني تحفظت على مسالة اللامركزية السياسية, لكن هذا التحفظات يمكن أن تحل بالحوار, والروحية السورية المشتركة التي أسست لها الثورة..واتمنى من صوت المجلس هذا أن يكون صوتا وطنيا سوريا بامتياز كما عهدي برموز كثر داخله, وعهدي بشباب الحراك الكردي.
مرة اخرى أتمنى على الاصدقاء في الـ "بي دي" مراجعة سريعة ونقدية وحازمة وعلى بقية اطياف المعارضة التعامل بمرونة مع هذا الموضوع وألا تنجر للتعصبات والعصبيات أيا كان مصدرها..فاعضاء حزب الـ "بي دي" : سوريون شاء من شاء وأبى من أبى.
كاتب سوري
السياسة