، من الشريحة الواسعة من الشعب ومن الاطراف الكردية الأخرى، رغم النفي المتكرر من قبل اعلامها ومثقفيها، لكن أغلبية الشارع الكردي نظر اليهم برهبة، وطفح على الملئ نضالهم كقوة غير وطنية لا تدعم الثورة، تميل إلى سياسة الهلال الشيعي في المنطقة بشكل عام، رغم نفيهم العلاقة مع السلطة السورية الحالية، لكن وجودهم في هيئة التنسيق الوطنية، وظهور الكريلا الى جانب مفارز الأمن بدون اعتراض، ومطالبتهم بالإدارة الذاتية للمنطقة الكردية، والذي وجده البعض بانه لا يعكس الواقع الكردي في سوريا، إلى جانب معارضتهم لأي تدخلات خارجية تدعم الثورة السورية، المطلب بذاته تعكس رغبة السلطة، وغيرها من الخطوات التكتيكية في مسيرتها العملية، والتي ألهبت أغلب القوى الداعمة للثورة ضدها، بدءاً من الاقليم الكردستاني، إلى معظم الاحزاب الكردية الأخرى والتي كانت هي بذاتها خارج إطار الثورة بل والمعيقة لحركات شباب الثورة بكل قوتها، إلى جانب معظم الحركات الشبابية الثورية، ومعهم القوى الدولية التي حركتها تركيا من عدة أطراف ولعدة غايات. اصبحت ب ي د على الساحة الكردية والسورية معاً تتصارع مع اطراف متنوعة وبدون أي سند من قوات جيش النظام المتهم بالتعامل معه.
تقييم قادتها الوضع الميداني لم يكن كما يجب، اتبعوا التكتيك المرسوم سابقا قبيل دخول تشكيلاتها العسكرية المناطق الكردية السورية، تتبين حتى اللحظة أن قادتها لم يعيدوا النظر إلى الظروف الذاتية والموضوعية التي انبثقت خلال هذه الفترة والتطورات التي حصلت بين القوى الكردية والمعارضة السورية عامة، كما لم يسترشدوا بالتجربة التاريخية الغنية لديهم، تجربة ب ك ك في شمال العراق في فترة سابقة، بل أبقوا الوضع الحالي لوجود مؤسسات تف دم كما هي، واصبحت تشبه تماما وضع كريلا ب ك ك في السنوات التي حاولوا فيها تشكيل حكومة في الشمال بمعزل عن الاحزاب الكردية، رغم ظهور بوادر توجهات نظرية في الفترة الأخيرة لتغيير ما لكنها محصورة على الساحة الكردية فقط. الخطأ التاريخي يتكرر هنا على أرض كردستان سوريا، لا نستبعد وجود قوى خفية وراء هذا المقصد، ولا نستبعد أن يكون هناك من يود أن يقضي على وجود ب ي د كقوة رئيسة في المنطقة بشكل غير مباشر، وفي نفس المكان الذي تكون فيه ب ك ك كقوة عسكرية ذات بنية مؤسساتية في بداية الثمانينات.
العلاقات الوطيدة ما بين التيار الشيعي في المنطقة، وبين ب ك ك بسبب الظروف السياسية السائدة على الساحة والصراع المتعدد الجوانب، والذي كان المخرج الوحيد لقوى القنديل في استمرارية النضال بعد التراكمات المتعددة الجوانب عليها هناك، لذلك لا يحتمل حدوث تغيير جوهري في استراتيجية نضال منظومة المجتمع الكردستاني عامة، إذا لم يظهر المخرج البديل في المنطقة أو على الساحة الدولية، وهذا هو الدافع الذي يؤدي بالآخرين الى اتهام ب ي د بالتعامل مع النظام العلوي السوري الحالي. رغم وجود أطراف داخل المنظومة تميل الى قطع هذا الارتباط والتوجه الى استراتيجية مغايرة، لا نود التطرق اليها الان، لكنها على الاغلب لا تمانع من خلق تكتيك نضالي مغاير مع الثورة السورية. سيسأل القارئ إننا أكثرنا من التنظير والتحليل والعموميات، لكن ما هو الحل وماذا يجب أن يكون البديل؟ دونكم الأتي حسب تقييمنا:
- فتح المجالات المتعددة مع القوى الكردية داخل سوريا وخارجها ومن ضمنها مع حكومة الاقليم، حتى ولو كانت من طرف واحد، على الأغلب سيرفض التعامل معها حتما، لعلاقتها المتينة مع قوى خارجية تنظر إلى ب ك ك حتى اللحظة كمنظمة ارهابية، ويدرجون ب ي د معها، في القادم من الزمن هناك قوى كوردية عسكرية سوف تظهر على الساحة يجب التمهيد لها ونشر ثقافة التعامل وقبول الآخر والتنسيق بينهم أو الاشتراك معا في تسيير المنطقة وحمايتها.
- التخلي عن هيئة التنسيق الوطنية وبها تكون قد قضت على هيكلية تسمى بالمعارضة الداخلية، وستكون ضربة قوية للنظام الاسدي – العلوي، وعلى هذه البنية هناك العديد من الاشخاص الانتهازيين الذين يستغلون اسم ب ي د ويتعاملون مع السلطة. بدون هذه الخطوة سوف لن تكون النقطة الأولى قابلة للحل، وهي الخطوة الهامة جداً لتشكيل القوة الكردية السياسية والعسكرية المتكاملة أو القوة الثالثة في سوريا، عندها ستكون لها ثقلها وتأثيرها على المعارضة العربية وفرض شروطها الوطنية.
- تفعيل الهيئة الكردية العليا وتوسيع بنيتها وتقوية نفوذها لتشمل جميع القوى العسكرية الموجودة أو التي ستظهر على الساحة، بحيث تتمكن من اعطاء القرارات دون العودة الى المرجعيات المتعددة، وعلى رأسها ب ي د والاحزاب الاخرى.
- الاهم من كل هذا تشكيل بيشمركة كردية مشتركة من جميع مكونات الشعب السوري بدون الانتماء الحزبي، وتحت سيطرة الهيئة الكردية العليا ( الفعلية ) وبالتأكيد القوة الحقيقية الفاعلة هي القوات التابعة ل ب ي د، لكن يجب أن تكون المرجعية غير حزبية بل الهيئة العليا المشتركة، لملئ الفراغ الذي لم تتمكن لجان الحماية الشعبية لوحدها ملؤها، لذلك نرى أنها بدأت تملئ بقوى خارجية عروبية عنصرية بعضها تستخدم وبانتهازية سافرة اسم الجيش السوري الحر، وسوف تنجرف قوى أخرى إلى المنطقة مادام الفراغ موجوداً، في الوقت الذي توجد فيه الآلاف من الشباب الكرد من التنسيقيات والذين كانوا في فترة ما يملؤون شوارع المدن أثناء المظاهرات.
- يجب رفع شعار اسقاط النظام الكلي وليس الأمني فقط، إضافة إلى قبول التدخل الأجنبي مع شروط وضع القوى التركية خارج هذا التدخل، إلا بعد موافقة الحكومة التركية حل القضايا الرئيسة للمشكلة الكردية هناك، ومنها أطلاق سراح القائد الكوردي عبدالله أوجلان.
دون هذه الخطوات ستخسر ب ي د مكانتها وقوتها، في الوقت الذي خسرت فيها الاحزاب وجودها الميداني الفعلي، قدوم قوى ستؤدي بهم الى مواجهتها، من قبل قوات الكريلا وهم على الاغلب ليسوا بالقوة القادرة على المواجهة لوحدهم، الجيش العروبي الانتهازي وليس الحر، اصبح يملك الأسلحة الثقيلة ولا نستبعد أن تدعمهم الدولة التركية بشكل أوسع في المستقبل القادم، وقد يكونوا من مجموعات لهم خبرة في قتال الشوارع، وسوف يقاتلون في مدن كردية لا ينتمون إليها، فلا يهمهم مستويات التدمير، وهم مدعومون من دول متعددة، مهما كانت فالمواجهة الإنفرادية مع هذه المجموعات الغازية القادمة بسبب الفراغ الفظيع الموجود في المنطقة الكوردية، ستؤدي بهم إلى ضياع مكانتهم كقوة ثورية، سيفرزون بشكل تام كقوة مساندة للنظام ضد قوى الجيش السوري الحر أي عمليا ضد الثورة السورية، كما وسيخسرون قيادة الحركة الكوردية العسكرية الممكنة تشكيلها لو تجاوزوا استراتيجية الحزب الواحد والقوة المسيطرة. لو تركوا النضال الانفرادي وعنجهية الحزب القوي المسيطر في الفترة القادمة ميدانيا وليس نظريا، سيستطيعون تشكيل قوة عسكرية قابلة لملئ الفراغ في فترة زمنية قصيرة بسبب الخبرة والامكانيات التكتكية والمادية التي يملكونها، وبها وحدها يمكنهم إيقاف دخول هؤلاء الغزاة إلى المنطقة وتخليصها من ويلات دمار قادم من قبل الجيشين، العروبي العنصري والمختفي تحت راية الجيش الحر وجيش النظام الأسد الإجرامي. التمسك بالمنطق الانفرادي في النضال كما هو الآن سيؤدي بهم إلى مستقبل ذاتي غير حميد، ولا نستبعد هزال واسع ستؤثر على اطراف أخرى من المنظومة قد تتجاوز حدود جغرافية سوريا، خاصة بعد زوال السلطة العلوية – الاسدية وتشتت جبهة الهلال الشيعي.
د. محمود عباس
الولايات المتحدة الأمريكية
mamokurda@gmail.com