كما أن الكورد في سوريا لا يملكون مراكز دراسات وبحوث إحصائية ومؤسسات اجتماعية رسمية تعمل في هذه المجالات لذلك من التعسف إطلاق الكلمات جزافاً انطلاقا من خلفيات سياسية إقصائية وتهميشية من قبيل هؤلاء أقلية وذاك أكثرية، كما لن ندخل في أعماق التاريخ والنبش في الوثائق والآثار والإركيولوجيا لأن هذه قد توجع الرأس فالتاريخ في النهاية يكتبه المنتصرون ،ولكن سنتحدث عن بعض الاشياء الملموسة اليومية ومحسوسة ومعروفة تاريخياً ولا تحتاج إلى مزيد من العناء والتمحيص.
إن سوريا دولة متعددة القوميات والأثنيات والطوائف تشكل معاً مجتمعاً متنوعاً فسيفساء من الشعوب والطوائف من العرب والكورد والعلويين والإسماعليين والتركمان والسريان والدروز والأرمن والأشوريين والإيزيديين والكلدان وغيرهم ولا يستطيع أحد أن يدعي الأسبقية في الوجود والأكثرية في العدد، نعم إن الناطقين باللغة العربية هم الأكثرية ولكن هذا لا يعني أبداً إنهم من الأصول العربية. كما لم تكن سوريا لا في التاريخ القديم ولا الحديث دولة عربية لقد تعربت سوريا كما هو معروف لدى الجميع أبان الغزو العربي الإسلامي لبلاد الشام الذي ما زال سائداً منذ ألف وأربعمائة سنة والذين جاءوا من منطقة الحجاز، ولم تطلق تسمية الجمهورية العربية السورية على الكيان السوري إلا في النصف الثاني من القرن العشرين مع غزو الفكر العروبي القومجي الشمولي للمنطقة ،وليس صدفة أن يرفع الشعب السوري علم الاستقلال في ثورتهم اليوم وإنما يرفعونها تعبيراً عن مكنونات أنفسهم وحنينهم إلى دولة سوريا اللامركزية المتعددة المتنوعة، ومع ذلك لن نقفز فوق التاريخ والواقع ولا نعانده لقد ارتضينا بالإسلام ديناً وبقيمها السمحاء ثقافة ومبدءاً وبالعرب أخوة في المصير والعيش المشترك والجغرافيا والتاريخ .
لا يستطيع أحد أن ينكر إلا جاحد أو أعمى أن الكورد من أقدم الشعوب في المنطقة التي بقيت في جبالها وسهولها رغم الأعاصير التي اجتاحته، ومن الشعوب القديمة في الجزيرة السورية وعلى ارضهم التاريخية في الشمال الشرق من سوريا التي الحقت قسراً بالدولة السورية عام 1922حتى عام 1928 أرضاً وشعباً – كجزء من كردستان تركيا بعد الحرب العالمية الاولى نتيجة اتفاقيات الدولية بعد انهيار السلطنة العثمانية وهذه الحقيقة يعلمها حتى تلاميذ المدارس في المرحلة الابتدائية، ويطلعنا التاريخ القريب وكذلك ممن ما زالوا على قيد الحياة من أجدادنا وأسلافنا أن الوجود العربي في منطقة الجزيرة حديث ولا يتجاوز مائة سنة وإنهم- أي أجدادنا- لم يلاحظوا قرى عربية مستقرة من الحدود التركية شمالاً حتى جبال الكوكب والسنجار جنوباً وإن المنطقة كانت خالية إلا من بعض العرب الرحل في خيم التي لا تتجاوز عددها أصابع اليد الواحدة تبحث عن الماء والمرعى ،ولن يغير من حقيقة الوجود الكردي والجغرافية والتاريخ ذلك الإستيطان العربي في الجزيرة عندما استيقظ شعبنا في إحدى الصباحات من عام 1974 وإذ باللجان التحديد والتحرير تقطع وتستولي على الأراضي الزراعية العائدة للشعب الكردي وتوزعها على المستوطنين الغمر القادمين من حلب والرقة واقيم لهم ما تشبه المستعمرات على طول المنطقة الكردية من عين ديوار شرقاَ الى سري كانيي غرباً ( 35مستوطنة،992 قرية مستولي عليها )،فهل نحن بحاجة إلى وثائق وآثار لنفي أو تأكيد هذه الواقعة بينما كنا أحياء وشهود عيان على الواقعة ورأينا بأم أعيننا قطعان المستوطنين عندما جاءوا بحماية العسكر واستولوا على محصول المواطنين الكورد وما زلنا نعاني في كل يوم ولحظة من آثار هذا الإستيطان ،وهل هؤلاء سيضافون إلى الأكثرية العربية في الجزيرة هكذا بكل سهولة وبساطة كما لوكانت المسألة شوربة عدس ؟؟؟ ورغم ذلك لا نقول نحن أكثرية وغيرنا أقلية بل الحق نحن شعب قديم على هذه الأرض أي هناك سلالة بشرية موجودة على الأرض وليس في السماء أو بين السماء والأرض متميزة بلغتها وثقافتها وسحنتها عددها ألف أو عشرون مليون لا يهم لأن الحق ليس له علاقة بالأكثرية أو الأقلية وأن الديمقراطية لا تقاس لا بالفيدرالية ولا بالحكم الذاتي- في الدولة الديمقراطية المدنية لا توجد أقلية ولا أكثرية ولا قومية أساسية وقومية ثانية وثالثة ولا لغة رسمية ولغات ثانوية بل هناك شعوب موحدة ومختلفة الثقافات ،دستور واحد وقانون واحد يحكم الجميع دون تمييز - أن الديمقراطية الحقيقية هي الحقوق المشروعة التي تنشدها كل الشعب السوري دون تمييز أو إقصاء أو تهميش ،إن شعب يظلم شعب آخر ليس حراً، وهذا يعني إنه لا معنى أن يدافع البيانوني عن الحرية والديمقراطية وأن تسفك الدماء السورية العزيزة إن لم تكن من أجل الحرية ،الحرية للجميع، أم أن حتى الدماء تصبغ بصبغة قومية ودينية لتصبح الحرية ذات صبغة معينة ؟؟