والحقيقة أن حالة الضعف أو الترهل الذي وصلت إليه العديد من الأحزاب السياسية الكوردي يرجع إلى عدة أسباب أو عوامل أبرزها من وجهه نظري عدم المشاركة في الثورة, و تنامي الوعي السياسي والثقافي لدى غالبية أفراد وقطاعات المجتمع خصوصاً قطاع الشباب في ظل التقدم المستمر في مجال تكنولوجيا الاتصالات وتبادل المعلومات في العصر الحديث مما أتاح للأفراد المزيد من التواصل والإطلاع والمقارنة والتقييم للأوضاع والأحداث والحالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية الكوردية والعالمية, وبالتالي لم يعد هؤلاء الأفراد بمثابة الأواني الفارغة التي يسهل على الأحزاب والتنظيمات السياسية ملؤها وتعبئتها بآراء وأفكار منها فتح دكاكين حزبية تحت وصاية بشار الاسد واقامة ندوات سياسية ,والشعب في سورية يقتل (اعزاز,ركن الدين و,الاشرافية) وغيرها من المناطق السورية , بعيدة عن الواقع الحالي ومتطلباته أو نظريات وأيدلوجيات عفى عليها الزمن وأصبحت لا تسمن ولا تغني من جوع.
وعندما ظنت انه اقترب موسم المناصب تجد هذه الأحزاب تتغنى بحياة المواطن وما يريده من مشاريع ومتطلبات واحتياجات القضية الكوردي, فتجد أحزاب وقيادات تنزل إلى جميع المناطق تفتتح دكاكين حزبية العديد منها سبق افتتاحها عدة مرات وتضع حجار الأساس لمشاريع وكتل حزبية متنوعة هنا وهناك بعضها لا ينفذ وبعضها لا يستكمل, والوعود الطنانة بحياة رغيدة ومستقبل أفضل للكورد.
وهكذا تركز هذه الأحزاب الموسمية ـ إن صح التعبير ـ جل اهتمامها في موسم المناصب للحصول على منصب بمختلف الوسائل المشروعة وغير المشروعة حتى إذا ما انفض هذا الموسم عاد كل حزب إلى برجه العاجي, وعاد الكوردي إلى معاناته السابقة يصارع لتوفير لقمة العيش والحياة الكريمة لنفسه ولأسرته بعد أن تتبخر الوعود الحزبية, وتنشغل هذه أحزاب بالاجتماعات واللقاءات الحزبية لإعداد العدة لجولات أخرى من الصراع والمهاترات الإعلامية .
ونتيجة لذلك ومع تنامي الوعي السياسي والثقافي في المجتمع الكوردي, أدرك معظم أفراد المجتمع الكوردي وخصوصاً من جيل الشباب ذات التوجه الديمقراطي والتعددية الحزبية والسياسية في المجتمع الكوردي أن الأحزاب السياسية لم تعد تجدي نفعاً في تحقيق آمالهم وتطلعاتهم بالتغيير وتحسين واقعهم المعيشي والحياتي والنهوض بالقضية نحو الأفضل في شتى المجالات. فخرج هؤلاء الشباب إلى الساحات لتحقيق ما عجزت هذه الأحزاب عن تحقيقه في هذا الواقع منذ عقود لتجد معظم هذه الأحزاب نفسها اليوم خارج نطاق التغطية الشعبية والجماهيرية, ويمكن أن تتلاشى وتغيب تماماً عن خارطة العمل السياسي إذا لم تبادر سريعاً إلى تجديد وتطوير نفسها لتواكب روح العصر ومتغيرات الواقع وتعيد النظر بأفكارها وبرامجها وأدائها السياسي والاجتماعي لتعبر عن نبض الشارع وتلامس قضايا وهموم الثورة السورية لتكسب ثقتهم وتأييدهم وأصواتهم عن جدارة واستحقاق.
16-8-2012
الدكتور عبدالرزاق التمو
عضو مكتب علاقات عامة
تيارالمستقبل الكوردي في سورية