الرئيسية » مقالات » مقالات سياسية , منوعات , تعليم لغة كوردية » مقالات سياسية

العلاقة بين التمرّد والقيمة (الثورة السورية انموذجا )

يقول البير كامو " صحيح ان كل قيمة لا تولّد التمرد ولكن كل حركة تمرّد تستدعي ضمنيا وجود قيمة "

ان فهم الحالة السورية قبل الثورة يضعنا في مقاربة شبه كاملة للمقولة , ان كثير من القيم انتهكت في جميع مراحل حكم حزب البعث في سوريا سواء في مرحلة ما قبل حكم الاسد الاب او اثناءه او مرحلة الاسد الابن , فسوريا عاشت في هذه المراحل اسوأ مراحل تاريخها على مدى اكثر من القرن , تعرّض فيها الشعب السوري بكل انتمائاته الى اقسى اشكال اهانة بحق الانسان فسلب منه كرامته واقصي من الحياة العامة وصدرت حريته باسم القومية العربية ودفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني وتحرير الاراضي السورية والعربية المحتلة ,الى ان كادت سوريا بناسها واهلها وحيواناتها وثرواتها تتحول الى ما يشبه مزرعة , كل ما فيها لخدمة السيد الاوحد , فالعلاقة بين الحاكم والشعب تحولت من علاقة تعاقدية الى علاقة السيد بالعبد , وهنا يجب ان اذكر ان النظام في سوريا اصدق بالقول عندما سمى سوريا بسوريا الاسد واكاد اجزم بان هذه المقولة هي المقولة الصادقة الوحيدة التي صدرت من دوائر النظام على مدى عقود من الزمن . خلال هذه المسيرة كان يفترض ان يتمرد الشعب السوري ليس لمرة واحدة او لمرتين فحسب بل كان يفترض العصيان الدائم لحجم ما انتهك في سوريا من الحقوق والحريات العامة ابتداءا من مصادرة حق الانسان في العيش الكريم ووصولا الى حقه في الحرية والكرامة . ولكن ما لاحظناه لم يتحرك الشعب السوري ساكنا الا في بداية الثمانينات من القرن الماضي بدواعي دينية لا وطنية وفي بداية الالفية الجديدة انتفض الشعب الكردي بدواعي قومية فحسب , كلا الانتفاضتين لم تستحوذ على الرأي العام لافتقارهما الى مشروعية وطنية بالاضافة الى تعتيم الاعلامي وتوازنات الدولية وغيرها من الاسباب لا مجال لذكرها الان .

ان حادثا بسيطا (عذرا مقارنة باحداث اخرى اكثرهمجية ودموية حدثت في سوريا ) - تعرّض اهلنا في درعا الى الاهانة 

اثر كتابة الشعار المعروف الشعب يريد اسقاظ النظام على جدران احدى المدراس في المدينة -اصبح موضع الاستهجان 

لدى مختلف الوان الطيف السوري بكرده وعربه واشوريه وغيرها من المكونات وعلى اثرها تمرّد الشعب السوري وقال

 (لا) لاول مرة على المستوى الوطني منذ مجيء البعث الى الحكم قال لا للدكتاتورية والاستبداد الفردي , لا للحزب 

الواحد والعرق الواحد , لا للبطش والظلم والاضطهاد , لا لعائلة الاسد وازلامه ....... عندما قال الشعب السوري لظالميه 

لا , لم يقل ذلك لان ظالميه من هذه الطائفة او تلك بل قالها لانه يرفض الظلم والاضطهاد بحد ذاته ولم يقل لا لدكتاتورية 

الاسد فحسب بل للدكتاتورية مهما كانت صفتها دينية او قومية او ايديولوجية . هنا لابّد من التذكير بمبادئ الثورة السورية 

فالثورة قامت من اجل تحقيق الديمقراطية والتعددية السياسية والعدالة الاجتماعية ومن اجل استعادة كرامة الانسان 

السوري ونبذ الاقصاء والتهميش وبناء سوريا على اساس علماني مدني حضاري تقيم العلاقات مع المحيط الدولي 

والاقليمي على اساس العلاقات المتبادلة والمتكافئة وفقا لمبدأ المصالح المشتركة . ان جنوح الثورة السورية الى التطرف 

الديني وتغيير وجهتها الى منزلقات اخرى سيجعل ليس كثير من السوريين فحسب بل كثير من اصدقاء الثورة يعيدون 

النظر في تأييدهم للثورة , وهذه اخطر ما تواجهه الثورة , ان تشكيلات الواسعة للكتائب المسلحة وتحت مسميات دينية 

تترك فوبيا في نفوس الحاضنة الحقيقية للثورة الا وهي الشعب السوري المتمدن والحضاري , كما ان تجربة سري كانيه ( 

رأس العين بعد التعريب ) لا تبّشر الشعب الكردي على الاقل باي خير في المستقبل وان لم تبّشر الاناس الاخرين التوّاقين 

الى الحرية والعدالة , ان الجماعات التكفيرية والبعثية الحاقدة على الشعب الكردي بدلا من ان توّجه بنادقها صوب النظام 

الحاكم الذي ينتهك محرماته ويهين كرامته يوميا , الان يوجهها الى شعب اعزل طالما حلم بالحرية على ارضه التاريخية 

وقاوم ظلم الطغاة على مدى التاريخ . الا تتفقون معي ان قيم الثورة اصبحت في خطر اكيد والا تتفقون معي انه حان 

الوقت ليس لتكاتف الكرد مع بعضهم البعض فحسب بل تكاتف كل القوى الساعية الى التقدم الاجتماعي ودمقرطة المجتمع 

وعلمنته لنجنب سوريا الوقوع في حضن الارهاب الديني والمذهبي . وان دعم ومساندة تركيا لمجموعات ارهابية لن تفيدها 

بشيء وسترتد عليها بالسلب ان استمرت في هذا النهج , ويفترض من تركيا ان تجد دواءا لصلعتها قبل غيرها وانه من 

غير مسموح نقل معاركها الى الداخل السوري تحت هذه الذريعة او تلك . وهنا اتسائل اين نحن من قيم الثورة الان بعد 

مضي ما يقارب عامين على الثورة !!!!!!! .


فرهاد ميرو 22.01.2013 

الفئة: مقالات سياسية | أضاف: rojmaf (2013-02-07)
مشاهده: 510 | الترتيب: 0.0/0
مجموع التعليقات: 0
إضافة تعليق يستطيع فقط المستخدمون المسجلون
[ التسجيل | دخول ]
طريقة الدخول

تصويتنا
موقفك من الهيئة الكوردية العليا
مجموع الردود: 107
إحصائية


اضغط على like - اعجبني