وفي الواقع كانت هناك مؤشّرات على أن هذه الجماعات ستعاود الكرّة على المناطق الكردية.
الهجوم الأول للمجاميع المسلحة على سري كانيه، قبل أشهر، كان قد تمّ بدعم وتنسيق بين الاستخبارات التركية وبعض الأشخاص المأجورين لدى الحكومة التركية، كالمدعو نواف البشير الذي لم يعد تعاونه وتخابره مع تركيا خافياً على أحد.
المخطط حينئذٍ كان "احتلال" سري كانيه، والانطلاق منها للتمدّد والانتشار في بقية مناطق غرب كردستان. لكن تلك المحاولات اصطدمت بالمقاومة البطولية التي أبدتها وحدات الحماية الشعبية. وكان من نتائج انهزام وتقهقر المجاميع المسلحة، بعد الضربات الموجعة التي تلقتها على أيدي القوات الكردية، اضطرارها إلى قطع تعهّد بوضع حدٍّ لهجماتها، وبقيت بالفعل ملتزمة بهذا التعهد لمدّة أسابيع، قبل أن تتنصّل منه يوم الأربعاء الماضي.
استئناف المجاميع المسلحة الهجوم على سري كانيه يأتي بعد حوالي أسبوعين من اجتماع عقد في تركيا وضمّ، بإشراف من مسؤولين ورجالات في الحكومة التركية، شيوخ عدد من القبائل العربية المتواجدة في الحسكة، المحسوبة على النظام السوري سابقاً، وبعض قادة جماعات مسلحة.
المشاركون في هذا الاجتماع أعلنوا في بيان أن هدفهم هو "تحرير منطقة الجزيرة من النظام"! وكان هذا مؤشراً واضحاً على أن نوايا احتلال غرب كردستان، وضرب الأمن والاستقرار فيه، لا تزال على رأس أولويات الحكومة التركية، التي تحرّك هذه الجماعات، بتعاون وثيق مع المدعو نواف البشير، هذا الشخص الذي تحوّل فجأة، بعد أن حطّ الرحال في تركيا، من بوق عميل لنظام البعث إلى "بسطار" عسكري تنتعله الجندرمة والاستخبارات التركية.
ليس هناك غير زعزعة الأمن والاستقرار في المناطق الكردية، وجرّ الصراع والقتال إليها، تفسيراً لأفعال وتصرفات هذه المجاميع وحكومة اللاطيب أردوغان التي تسندها وتدعمها.
وليس هناك أدلّ على هذه النوايا السيئة من شبه الاستقرار الذي شهدته هذه المدينة والذي تهدّد الآن ثانية بعيد استئناف الهجمات.
عودة الاستقرار النسبي إلى المدينة كان واضحاً بعيد توقف الهجمات، إذ تشكّل فيها مجلس شعبي ضمّ ممثلين عن جميع مكوناتها، ومع مباشرة المجلس مهامه، وعودة الطمأنينة إلى نفوس الناس، عادت بعض العوائل النازحة إلى ديارها، وبدأت الحياة تدبّ في المدينة رويداً رويداً.
هذا تحديداً ما لم يرق لحكومة "السلطان أردوغان"، التي سارعت على الفور إلى لملمة شتات هذه المجموعات، عبرها وسيطها المعروف، ومدّتها بالأسلحة الثقيلة التي تُستخدم الآن في سري كانية، بما في ذلك إسناد المسلحين بالدبابات والمصفحات العسكرية.
أما الإعلان عن أن الهدف من الهجمات هو إسقاط النظام فليس سوى مجرّد أكاذيب وافتراءات يُراد منها تضليل المغفّلين. فالنظام في المناطق الكردية ساقط ساقط، وليس له أي وجود فعلي على الأرض، كما أن المعركة الحاسمة الآن هي في دمشق وحلب، وطريق الوصول إلى رأس النظام لا يمرّ لا من سري كانيه، ولا أي مدينة كردية أخرى.
إذاً، أسباب الهجوم على غرب كردستان واضحة، والآن هناك معارك شرسة تدور رحاها في سري كانيه، وانتصار المجموعات المسلحة فيها سيكون إيذاناً بانتقال الخراب والدمار إلى عموم المناطق الكردية.
وفي الواقع ليس هناك ما يبشّر بنهاية وشيكة للمواجهات الدائرة، بالرغم من التفوق الذي تحقّقه قوات الحماية الشعبية، لأنه يبدو جلياً، من نوعية الأسلحة الثقيلة التي تمدّ تركيا المسلحين بها، أن الأخيرة تضع كامل ثقلها هذه المرة لئلا تُمنى هذه الجماعات بهزيمة أخرى، قد يكون من شأنها أن تحوّل وجهتها إلى مناطق أخرى تكون فيها عمليات السطو والسلب والنهب أكثر يسراً وسهولة.
المعركة الراهنة هي معركة تركيا، عدوّة الشعب الكردي، وليست معركة الجماعات والأشخاص المأجورين، لذا يجب أن توضع جميع الاحتمالات في الحسبان، وأن تُستنفر لها جميع الطاقات والإمكانات الكردية، السياسية والشعبية والإعلامية، بعيداً عن الخلافات والتناحرات السياسية والشخصية، بحيث تكون عوناً لأخوتنا وأخواتنا في وحدات الحماية الشعبية في هذه المعركة المصيرية التي تخوضها.
فايق عمر
fayekomar@hotmail.com
الرئيسية » مقالات » مقالات سياسية , منوعات , تعليم لغة كوردية » مقالات سياسية |
معركة تركيا في -سري كانيه-
فايق عمر | |
مشاهده: 570 | الترتيب: 0.0/0 |
مجموع التعليقات: 0 | |
تغريدات بواسطة @rojmaf
طريقة الدخول
تصويتنا
إحصائية
مقالات و آراء
الأخلاق الإعلامية بحسب رئيس رابطة المغتربين السوريين آزاد جاويش على خطى البارزاني الراحل حتى النصر هل تم هكر موقع كميا كوردا ؟ هذا ما ورد في نص رسالة موجهة لي |
|
المتواجدون الآن: 1
زوار: 1
مستخدمين: 0
اضغط على like - اعجبني