الرئيسية » مقالات » مقالات سياسية , منوعات , تعليم لغة كوردية » مقالات سياسية

الشبيحة والجيش الحر يلتقيان حول قضية

 د. محمود عباس
المسيرات السلمية المطالبة باسقاط النظام والتي جالت شوارع المدن الكردية غالباً لم يشارك فيها العنصر العربي منذ بداية الثورة، لا من القبائل المتواجدة في المنطقة ولا من مستعمرات البعث الغمريين

( باستثناء آل الهادي رؤساء عشيرة الشمر الذين كان لهم ممثل شبه دائم في مسيرات مدينة قامشلو).
بعد نضال ثمانية عشرة شهراً من الثورة، سيطرت مجموعات من الشبيحة الغمريين الذين سلحهم النظام قبل شهور وبمساعدة مجموعات بعثية من القبائل العربية ( باستثناء عشيرة الشمر الوطنية ) على المسيرات السلمية المناوئة لنظام الأسد في بعض المدن الكردية. ظهرت السيطرة عن طريق مظاهر المسيرات المسلحة، طغت عليها شعارات ضبابية، حملوا فيها صور لبشار الأسد وعلم البعث. تجولوا في شوارع مدينة تربى سبيه ( القحطانية بعد التعريب ) معظمهم في اليوم الاول كانوا من مستعمرات الغمريين كمستعمرة المناذرة ومعشوق الغمرية وحلوة الغمر وطنورية الغمريين، والمستوطنات المتناثرة المحيطة بمدينة تربه سبيه، أنضم إليهم، بعد اتفاق ما، مجموعات من القبائل العربية من ابناء المنطقة كالجوالة وللأسف، خرجوا معا للمرة الثانية بمظاهر ترهيبية مسلحة، لا يؤيدون الثورة ولا السلطة، بدون شعارات وأعلام أو صور، مهمتهم في المناطق الكردية لا تتجه إلى اسقاط النظام السياسي مهمتهم كانت موجهة لاسكات صوت الشارع الكردي ومسيراتهم السلمية اليومية المناهضة للنظام والداعمة للثورة السورية.
جرى هذا ولا يزال يجري على مسافة ليست ببعيدة عن المدن الكردية الأخرى التي دخلتها مجموعة مغايرة تحمل راية الجيش السوري الحر وتدعي إنها حررتها من عناصر النظام، في الوقت الذي يظهر فيه الشبيحة ومناصري النظام في المدن الكردية الأخرى، والمجموعتان تنتميان إلى نفس القبائل، الغمريون هنا وهناك، مجموعات رئيس عشيرة ( له تاريخ حافل مع النظام حتى اليوم) في الجهتين. مجموعات تنتقل إلى الجهتين، يضعون رجل مع النظام وآخر مع الثورة، يعاونهم فيها عشيرة رجل المعارضة في المجلس الوطني السوري ( تاريخهم حافل مع البعث )، والمدعوم من البعثي السني مؤسس الجيش الوطني السوري خارج إطار الجيش السوري الحر اللواء محمد حسين الحاج علي.
يتحركون خارج غايات الثورة ولا يطالبون بما يطالب به الثوار، بل انهم يعارضونها وهم من الجماعات التي رفضت عدة مطالب للثورة، مثل اسقاط النظام السياسي، الدعم الخارجي وأقله الحماية الدولية، وهم ضد حظر الطيران، وهي نفس مطالب النظام الأسدي، مقابلة اللواء مع السيد حسن معوض في العربية لا تزال ترن في الآذان، حول انتمائه البعثي ومواقفه من مطالب الثورة، بعد تشكيله الجيش الوطني السوري، خارج مجال الجيش السوري الحر ممثلي الثورة في الجناح العسكري.
صمت الكتائب التي تنتمي إلى الجيش السوري الحر المتواجد في المنطقة الكردية تثير تساؤلات عديدة، لم تتدخل حتى اللحظة بل لم تبدي رأياً حول تلك المظاهر المسلحة الترهيبية في المدن الكردية التي حررت بشكل ما من عناصر السلطة، بل هناك تهاون مع هذه المظاهر، واتفاق غير مباشر. أسكتت المسيرات المناهضة للنظام في كل من سري كانية ( رأس العين ) حتى ولو كانت محررة كما يدعى، من عناصر النظام كما يجب لكنهم حرروها أيضا من المسيرات الكردية السلمية وسيطرة الكرد وأهالي المدينة من القوميات الأخرى، ولم يشاركوا حتى اللحظة هذه القوى في إدارة المدينة كما يجب، رغم الإدعاء بذلك، بل إنهم رفضوا رفع العلم الكردي، رفعه مع علم الثورة السورية سيكون دعما ميدانيا وفكريا، ويزيد التضامن ويثبت مفاهيم الثورة، لكنهم يصارعون خارج هذه الغايات، علماً أن الشعب الكردي بهذا الدمج رسخ منذ بداية الثورة مفاهيم التعامل الحضاري الإنساني بكل ابعادها الوطنية.
صمت هذه الكتائب أمام الحوادث الجارية الان في منطقة الجزيرة السورية وفي مدينة تربه سبيه بشكل خاص لا يختلف عن صمت العالم الخارجي حول الثورة السورية، لا يهتمون بما يجري في المناطق الكردية من قبل مستعمرات الغمريين والقبائل العربية التابعة للنظام، لكنها تثيرهم إذا سيطر الكرد وحلوا محل فلول النظام لإدارة ذاتهم. الغايات ابعد من الثورة ومطالبها، ورائها قوى خارجية كتركيا ودول عربية يلتقون هنا مع النظام الأسدي رغم الصراع المميت لأسقاطه، منابع ثقافتهم واحدة، وهي نفسها التي تحرك بشكل نظري قوى ضمن الإئتلاف الوطني، كتيارات الإسلام السني السياسي والبعثي السني العروبي، يلتقون معا على أطراف القضية الكردية، مطالبهم متشابهة حول النظام القادم ما بعد زوال آل الأسد، أنهم يندمجون حول مفهوم طمس إحدى أهم القضايا التي سوفها تحلها الثورة السورية القادمة، وهي قضية الشعب الكردي التاريخية وجغرافيته المتواجدة هنا ضمن الوطن الواحد، هذا الحل الذي سيقضي على مفاهيم البعث وفلوله في المنطقة.
الثورة اوسع وأبعد من أن يتمكن شبيحة مستعمرات الغمريين بمظاهرهم المسلحة القضاء عليه، والشعب الكردي اعظم من تتمكن مجموعات من المستعمريين من البعث أو شريحة من المستفيدين من النظام داخل عشائر عربية ( باستثناء الشمر الوطنيون بدون انتهازية وزعماهم من آل الهادي قادة الإخوة بصدق) من ابناء المنطقة لترهيب الشعب الكردي واسكاتهم عن دعم الثورة أو المطالبة بزوال النظام بكل رموزه، وهم أدرى بهذا المنطق، لكن الغاية ذات أبعاد واهداف متنوعة:
- إلى جانب القضاء على القضية الكردية كما تخطط له دول وعناصر عروبية وهي الأهم لدى القوى التي تتحرك على الساحة الميدانية داخل المنطقة الكردية أو في الأروقة السياسية فيما وراء المؤتمرات المتنوعة والتي تهمش فيها يوما بعد آخر القضية الكردية والتي تعكس اجندات أروقة الدول المتأثرة بالقضية كتركيا وغيرها.

- الغاية السابقة تلتقي في أطرافها مع ابعاد النظام، وهي ضرب الأثنيات ببعضها، وخلق أكثر ما يمكن من الفساد وإثارة النعرات في الوطن وعلى أوسع رقعة ممكنة داخل الوطن، رغم تعارضها مع الاسلوب الذي تتحرك عليه النظام مع دول الجوار.

- اخراج الثورة من إطارها الذي تشكلت ضمنه، وتهديم البنية التي تكونت عليه، وابعادها عن مهمتها الأساسية، و تسخيرها لغايات آنية عنصرية عروبية بمطلقه، ليس فقط تجاه الكرد بل تجاه الطوائف والقوميات الأخرى داخل الوطن بعد اسقاط السلطة الأمنية وليس النظام السياسي.

- محاولتهم توجيه آلة الدمار من قبل النظام المجرم إلى المدن والمنطقة الكردية، وذلك بابقاء مستعمراتهم والقرى التابعة لبعض القبائل المساندة للنظام والجيش السوري الحر أو الوطني الحر التابع ل اللواء البعثي السني معاً خارج إطار صراع الشعب السوري أي الثورة ضد النظام الأسدي، وتبيان الكرد كقوة ثورية نائمة من الجيش السوري الحر، والتي تتحرك لمساعدة الثوار بمسيراتها السلمية والداعية لزوال النظام.

رغم كل هذا نلاحظ أن الشعب الكردي أكثرهم في المنطقة متمسكون ومؤمنون بمسيرة الثورة السلمية وعن قناعة، وأصدقهم إيماناً بزوال النظام بكليته، واشدهم تمسكاً بالوطن السوري وابعاده الحضارية والإنسانية، وهذا ما يرى من خلال المسيرات التي خرجت في المدن التي لم يسيطر عليها جيش البعث السني وليس الجيش السوري الحر، والشوارع التي خليت من سيطرة الشبيحة وجيش البعث السني المتخفي تحت اسم الجيش السوري الحر أو الجيش الوطني، هذه القوى نفسها تنتظر لحظة ضعف النظام لتنضم إلى الجيش السوري الحر، مهما كلف الأمر فهي قوة احتياطية انتهازية للأخير.
د. محمود عباس
الولايات المتحدة الأمريكية
mamokurda@gmail.com

الفئة: مقالات سياسية | أضاف: rojmaf (2012-11-20)
مشاهده: 463 | الترتيب: 0.0/0
مجموع التعليقات: 0
إضافة تعليق يستطيع فقط المستخدمون المسجلون
[ التسجيل | دخول ]
طريقة الدخول

تصويتنا
موقفك من الهيئة الكوردية العليا
مجموع الردود: 107
إحصائية


اضغط على like - اعجبني