فالسجناء الكرد الذين لم يجدوا غير اجسادهم للتضحية بها لرفع قيود الظلم و القمع الممهج على الشعب الكردي و إراته الحرة، واعلنوا اضرابهم المفتوح عن الطعام الذي استمر مايزيد عن 67 يوما مطالبين وهم معتقلون بين جدران السجون التركية بحق الدفاع عن الرأي باللغة الكردية و كذلك حق التعلم باللغة الأم الكردية وانهاء العزلة المفروضة على قائد الشعب الكردي في سجن امرالي .
فمقاومة السجون هي احدى الوسائل النضالية التي تظهر حينما يصَم الرأي العام العالمي آذانه وعيونه عن سماع ورؤوية الحقائق و ماتقترفه الانظمة المتسلطة على كردستان من قمع و تنكيل بالحقوق الانسانية و المجتمعية، و تكون صرخات أمعاء السجناء المضربين عن الطعام هي الوحيدة القادرة على كسر هذا الصَم الذي يعيشه العالم إزاء القضية الكردية.
وقد أثبتت مقاومة السجون فعاليتها على مر المراحل التاريخ النضالي الكردي بريادة حركة حرية كردستان في لجم السياسات الهمجية المتبعة من قبل الانظمة التوتاليتارية، التي لا تكتفي بكل اشكال الترهيب التي تمارسها لخنق الارادة الحرة للشعب، وتشكل هذه المقاومة البطولية الحد الفاصل للمراحل النضالية لتنبثق بعدها المراحل المتقدمة من النضال.
فالاضراب المفتوح للسجناء الكرد أعلن بداية مرحلة جديدة في التاريخ النضالي الكردي ومهَد لتغير نوعي في الوضع الكردي في شمالي كردستان بشكل خاص وفي الشرق الاوسط بشكل عام ، لا سيما من خلال كشف و فضح الوجه الحقيقي البشع لأكثر الدول راديكالية في مواجهة التطلعات الكردية في العيش الحر، ألا وهي تركيا بدمقراطيتها المزيفة و دروها السلبي في الثورة السورية، وكل محاولاتها في خلق عملاء لاحداث الفوضى و الدمار في غرب كردستان وسوريا.
فالارادة الحرة للسجناء الكرد حطمت تلك الصورة الكاذبة التي تروجها تركيا عن ديمقراطيتها البديلة ودفاعها المزيف عن حقوق الانسان و الشعوب وذرفها دموع التماسيح على اطفال سوريا و غزة و الصومال من خلال الآلة الدعائية الاعلامية المتواطئة معها.
أمام هذه الفضائح التركية بحق الانسانية و الشعوب لا يزال تعلق المعارضة السورية بالأب التركي حميميا، في الوقت الذي يفترض فيه ان تتحلى هذه المعارضة بروح الوطنية وتساند التطلعات الكردية في شمال كردستان احتراما لدماء شهداء ثورة الشعوب السورية الذين وهبوا حياتهم فداءا لحرية شعبهم بأكراده و عربه، وألَا تفرق بين اطفال آمد و اطفال غزة.
والادَعاء بالدور الاستراتيجي والدعم المزيف لتركيا في الثورة السورية فهي قمة الغباء و السذاجة ، خاصة و ان تقارير المنظمات الحقوقية حول التصرفات اللأخلاقية للحكومة التركية مع اللاجئين السوريين بادية للعيان و لم يجف حبرها بعد، و ايضا دعمها لقوة دون الغير بغرض فرض الاجندات التركية على سياسة الثورة السورية ومستقبلها.
فمن غير المقبول اخلاقيا ان يقف المرء ويتضامن مع ثورات شعوب ويعمل بالضد من ثورات شعوب اخرى، فجميع الثورات الشعبية تسير نحو نهر الحرية.
دلكش خليل