هذا العلم للكورد، والحاجة الحقيقية للكورد في سوريا إلى رفع علم يمثلهم ويعبر تعبيراً حقيقياً عن الشعب الكوردي.
من المسلم بداية أن هذا العلم شأنه شأن علم النظام البعثي لا يمثل الكورد ويحمل مدلولات قومية بحتة تمجد العروبة والثورة العربية الكبرى وتجهل القوميات الأخرى في سوريا، فهذا العلم الذي رفع في 12 حزيران عام 1932 والمنصوص عنه في أول دستور صدر بعد الاحتلال الفرنسي لسوريا، وهو يحمل رموزاً لونية تماثل ألوان علم الثورة العربية الكبرى، ولمن لا يعرف مدلولات ألوان هذا العلم
فالأخضر يدل للإسلام عموماً، والأبيض للأمويين، والأسود للعباسيين، والنجوم الحمر للعلياء والبطولة ودماء الشهداء، وهنا التساؤل ماذا للكورد في ذلك؟ فلا الأمويين كانوا كورداً ولا العباسيين كانوا كورداً ولا الثورة العربية الكبرى كانت تمثل الكورد بأي شكل من الأشكال، ومن هنا لابد لنا من أن نقف بشكل جدي عند مسألة رفع العلم مجددا مع إندلاع الثورة الشعبية ضد نظام البعث الدكتاتوري. ففي المناطق العربية لا ضير لطالما أن العلم يحمل مدلولات قومية بحتة، على الرغم من أن المعارضة العربية ممثلة بالمجلس الوطني السوري والجيش السوري الحر حتى القريب وبعد إندلاع الثورة بأشهر كانت ماتزال ترفع علم النظام وترفض إستبداله، إلا بعد أن إزداد رفع هذا العلم من قبل المتظاهرين في شوراع المدن السورية المنتفضة. أما في المناطق الكوردية فلابد من مراجعة لرفع هذا العلم من قبل بعض الأحزاب والجهات السياسية، لا لشئ إنما فقط لأنه لا يمثل الكورد بأي شكل من الأشكال ولابد للحركة السياسية والشعب الكوردي أن يكرسا لمرحلة ديمقراطية ما بعد سقوط النظام البعثي وألا تكون تصرفات الكورد نابعة عن العاطفة فقط دون التفكير الجدي بالمستقبل القريب بعد سقوط النظام.
بكل تأكيد الشباب الكورد الآن لا يريد أن يعيد إسطورات يوسف العظمة وإبراهيم هنانو وأن يبقى يفاخر بعد عقود من الآن بالمشاركة في الثورة دون أن يكون قد تحقق أي شئ إيجابي للكورد، وأن يبقى الكورد دوما رهن عطف ورحمة الحكام في دمشق، والمؤشرات تدل على أن الحال لن يختلف كثيراً في دمشق بين ماقبل سقوط النظام وما بعده، ومن هنا يحق للشباب الكوردي أن يعمل لغد يكون للكورد فيه دور فاعل وحقيقي في إدارة البلاد والمشاركة في الوطن.
من هنا يجب ألا نغفل دور الحركة السياسية ممثلة بالأحزاب السياسية والمجلسين الكورديين، (المجلس الوطني ومجل الشعب لغربي كوردستان)، في مسألة التعاطي مع العلم في المناطق الكوردية، ففي زمن الثورة والذي يعني عملياً سقوط النظام، وخاصة في المناطق الكوردية يكاد وجود النظام رمزي ليس إلا، ليس من الملزمات على الكورد رفع أي علم سوى العلم الذي يعبر عن الكورد ويمثلهم، ورفع
علم الإستقلال السوري في هذه الحال أيضاً ليس إلزاماً، لعدة أسباب أبسطها انه لا يمكن لأحد المزاودة على الوطنية السورية للكورد، وإنتماء الكورد لسوريا لا يكون برفع علم النظام البعثي أو المعارضة، من هنا على الحركة السياسية الكوردية الكف عن المهاترات التي بين أقطابها والإلتزام بعلم الهيئة الكوردية العليا والذي يمثل الحركة السياسية التي تضم المجلسين الكورديين، وعدم رفع علمي النظام أو
المعارضة، لأن رفع علم المعارضة في الفترة الراهنة يكرس لحالة من الخنوع لمرحلة مابعد النظام الدكتاتوري وهو ما يجب تجنبه، ولنا هنا في إقليم كوردستان خير مثال وتجربة، حين رفض الإقليم ممثلاً بشخص السروك بارزاني رفع علم النظام البعثي ورفع علم ثورة 14 تموز بدلا عنه لأن الشمس التي تنتصف ذلك العلم كانت تدل على الكورد كمكون اساسي من مكونات الشعب العراقي، من هنا علينا الإستفادة من تجربة الإقليم وعدم الإنجرار خلف العاطفة المفرطة والتي ستكون لها عواقب وخيمة، فالشعب الكوردي لا يقبل بكل تأكيد التفريط بحقوقه مجدداً وإرتكاب خطيئة رفع علم لا يمثله لأن رفع علم يمثله هو أحد أبرز هذه الحقوق في مرحلة الثورة.
لابد من إجماع الأطراف السياسية على رفع علم الهيئة العليا وإعتماده بشكل رسمي رمزا للكورد في سوريا في المرحلة الراهنة، وهذا بلا شك لا يتعارض مع رفع علم كوردستان القومي، وأما الأعلام الحزبية فيلاحظ غيابها منذ بداية الثورة في غربي كوردستان منذ 16 آذار 2011، وما يرفع منها لابد ألا يكون بديلا عن العلم القومي الكوردي وعلم الهيئة الكوردية العليا، لأن العلمين لهما دلالات قومية ووطنية ورفعهما بدلاً عن الأعلام العربية ضرورة ملحة تتطلبها مرحلة الثورة القائمة لتثبت الحق الكوردي في مرحلة مابعد سقوط النظام وتأكيد أن للكورد خصوصية في سوريا ولابد للمعارضة العربية إدراك ذلك وأن القضية الكوردية في سوريا قضية شعب وأرض وتاريخ يمتد عبر قرون من الزمان أبعد بكثير من عمر الدولة السورية نفسها، بل وحتى دولتي الأمويين والعباسيين والثورة العربية الكبرى.
صوت العراق
فائق عادل اليزيدي