الرئيسية » مقالات » مقالات سياسية , منوعات , تعليم لغة كوردية » مقالات سياسية

حسين جمو : عن مبادرة أوجلان

منذ المرافعات الأولى زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان،  عام 2001، كان واضحاً أن الرجل يحب تركيا بقدر محبته لكردستان وربما اكثر. لم يكره أوجلان تركيا (الكيان الجغرافي)، وركز جهده في السنوات الأخيرة على توسيع مفهوم "شعب تركيا" المكون من الشعبين الكردي والتركي... وبالتالي يفقد اسم "تركيا" صفته القومية العنصرية.


لو استمعت تركيا إلى أوجلان، فإن لدى الأخير ليس فقط خطة سلام، بل خطة لهيمنة تركيا على الشرق الأوسط.. يمكن تتبع هذه الرغبة لدى أوجلان في كل كتاباته، والكورد هنا شركاء في هذه العملية وأحد طرفيها. وهو يكرر دائما واقعة تحالف السلطان سليم الأول مع الزعيم ادريس البدليسي، ومنها كانت الانطلاقة الأممية للامبراطورية العثمانية....

الخطة الأخيرة لأوجلان، ليس فيها أي جديد، وكل ما ذكره موجود سلفاً بشكل موسع وواضح في مرافعاته، وقدمها حينها كمبادرات مستقبلية للحل....بمعنى لا يوجد فيها عنصر المفاجأة.

الجديد هو موقع حزب العمال الكردستاني في الحل.. وخاصة بند انسحابهم والعفو عمن لم تتلطخ أيديهم بالدماء... ورمزية الانسحاب في 15 آب مؤلمة جداً، (وهي كذلك بالنسبة لي رغم أن مسافة غير قليلة باتت تفصلني عن الحزب على خلفية الثورة في سوريا).

أوجلان رفض في السابق مبادرات العفو المقيّدة التي عرضتها السلطات التركية، واعتبرها مهينة لأنها كانت قوانين لـ"التوبة" وليس العفو .. الرجل كان يبحث عن شيء يشرّف المقاتلين الذين أصبح القتال جزء من حياتهم الاعتيادية...وهذا لم يكن موجوداً في المبادرة الأخيرة..ربما علينا الانتظار لتتكشف المبادرة بشكل أوضح.

مع هذه المبادرة، حزب العمال - وليس أوجلان-  يعيش أزمته الكبرى في قاعدته الشعبية، والسبب يعود إلى ماكينته الإعلامية الفاشلة، والفاشلة جداً، عبر تسويقهم لـ"النزعة القوموية" المختلقة، حيث لا وجود لأي أثر لها في فكر قائد الحزب.. هذا الاعلام الذي يستند إلى خطاب الثمانينات، وملحمة "المقاومة حياة"، بينما وصل واقعه التنظيري إلى أن حب تركيا هو جزء من الكردايتي. وأنا لست ضد هذه المعادلة، لكن الإعلام الفاشل سيكون مسؤولاً - ربما -عن خيبات كثيرة قادمة...

رغم كل التضحيات العظيمة التي قدمها شعبنا في كل الأجزاء في سبيل انتصار القومية الكردية "الصرفة" في شمال كردستان، إلا أن ما طرحه اوجلان هو الحد الأقصى الذي يلائم شعبنا هناك.. يجب عدم الهرب من هذا المعطى الحاسم، المحافظات الكردية الواقعة غرب دياربكر لا تدعم حزب العمال الكردستاني ولا نموذج القومية الباحثة عن الدولة، وولاية أورفا نموذج مهين للحزب، فهي مسقط رأس الكثير من القيادات الأولى للحزب بما فيهم أوجلان، ومع ذلك، لا وجود يذكر للحزب فيها مقارنة مع حزب العدالة والتنمية.. وماردين أيضا صوتت بالغالبية للعدالة والتنمية.

بمعنى، أوجلان لم يفرّط بشيء.. هذا هو الحد الأقصى لـ"قومية" غالبية الشعب الكردي هناك.. من أين يأتي بشعب يريد إقامة دولة؟؟... هل تكفي ديار بكر وهكاري وشرناخ لإقامة دولة، بينما كل من بينغول وأورفا وديرسم وسرت تنتخب أردوغان وكليجدار أوغلو وغيرهم منذ عام 2002؟؟. هل يكفي خروج 500 ألف شخص في نوروز آمد للسير في مشروع الحكم الذاتي؟؟. وخلف كل هذا هناك مسوؤلية كبيرة يتحملها الحزب نفسه في عدم حله التناقض بين أيديولوجيته وبين الواقع الاجتماعي والعشائري هناك، لدرجة تحول فيها الكثير من زعماء العشائر إلى "جحوش" أقوياء وأشداء في الحرب ضد الحزب وفكرته.

عذراً على التعميم، لكن مسودة خطة السلام المسربة لأوجلان يليق بكورد تركيا عموما.. رغم أنها أقل بكثير وكثير جداً من حجم التضحيات الكبيرة التي قدمت في سبيلها...ومن المرجح أن وضع حد لـ"الحلم القومي" الذي رفعه حزب العمال قد يمهد لظهور شيء جديد بين الراديكاليين الكورد هناك.. شيء جذري كما حزب العمال في أيامه الأولى: تحرير وتوحيد كردستان!.

الفئة: مقالات سياسية | أضاف: rojmaf (2013-02-28)
مشاهده: 1306 | الترتيب: 0.0/0
مجموع التعليقات: 0
إضافة تعليق يستطيع فقط المستخدمون المسجلون
[ التسجيل | دخول ]
طريقة الدخول

تصويتنا
موقفك من الهيئة الكوردية العليا
مجموع الردود: 107
إحصائية


اضغط على like - اعجبني